اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 303
الحارث بن سويد حياً في الإسلام، فنزلت هذه الآية فيمن مات منهم كافراً.
قال الزجاج: وملء الشيء: مقدار ما يملؤه. قال سيبويه، والخليل: والملء بفتح الميم: الفعل، تقول: ملأت الشيء أملؤه ملأً، المصدر بالفتح لا غير. والملاءة: التي تلبس، ممدودة. والملاوة من الدهر: القطعة الطويلة منه، يقولون: ابل جديداً، وتمل حبيباً، أي: عش معه دهراً طويلاً. وذَهَباً منصوب على التمييز. وقال ابن فارس: ربما أُنث الذهب، فقيل: ذهبة، ويجمع على الأذهاب.
قوله تعالى: وَلَوِ افْتَدى بِهِ قال الفراء: الواو هاهنا قد يستغنى عنها، ولو حذفت كان صواباً، كقوله تعالى: وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [1] . قال الزجاج: هذا غلط، لأن فائدة الواو بيِّنة، فليست مما يلقى. قال النحاس: قال أهل النظر من النحويين في هذه الآية: الواو ليست مقحمة وتقديره: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً تبرعاً ولو افتدى به.
[سورة آل عمران (3) : آية 92]
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)
قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ، في البر أربعة أقوال: أحدها: أنه الجنة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي في آخرين. قال ابن جرير: فيكون المعنى: لن تنالوا بر الله بكم الذي تطلبونه بطاعتكم. والثاني: التقوى، قاله عطاء، ومقاتل. والثالث: الطاعة، قاله عطية. والرابع: الخير الذي يُستحق به الأجر، قاله أبو روق. قال القاضي أبو يعلى: لم يرد نفي الأصل، وإنما نفي وجود الكمال.
فكأنه قال: لن تنالوا البر الكامل.
قوله تعالى: حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، فيه قولان:
(193) أحدهما: أنه نفقة العبد من ماله وهو صحيح شحيح، رواه ابن عمر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
والثاني: أنه الإنفاق من محبوب المال، قاله قتادة، والضحاك. وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الصدقة المفروضة، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك. والثاني: أنها جميع الصدقات، قاله ابن عمر. والثالث: أنها جميع النفقات التي يُبتغى بها وجه الله تعالى، سواء كانت صدقة، أو لم تكن، نُقل عن الحسن، واختاره القاضي أبو يعلى.
(194) وروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة
لم أره من حديث ابن عمر بعد بحث، وإنما صح من حديث أبي هريرة، وقد ساقه المصنف بمعناه.
وحديث أبي هريرة، أخرجه البخاري 1419 و 2748 ومسلم 1032 وأبو داود 2865 والنسائي 5/ 86 و 6/ 237 وابن ماجة 2706 وأحمد 2/ 25 و 231 و 415 و 447 والبغوي 1671 من طرق عن أبي هريرة، قال:
أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجل، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم قال: «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح.
تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان» .
صحيح. أخرجه البخاري 1461 و 2318 و 2752 و 2769 و 4554 و 5611 ومسلم 998 وأحمد 3/ 141 والدارمي 2/ 390 وابن حبان 3340 والبيهقي 6/ 164- 165 و 275 ومالك 2/ 595- 596 من حديث أنس. وأخرجه الترمذي 2997 من وجه آخر عن أنس بنحوه. وأخرجه البخاري 2758 وأحمد 3/ 256 من طرق. عن أنس بن مالك. [1] الأنعام: 75.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 303